فصل: تابع سنة إحدى وخمسين وسبعمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **


 وفي يوم الخميس سابع عشريه

خلع على علم الدين عبد الله بن زنبور خلعة الوزارة مضافاً لما معه من نظر الخاص ونظر الجيش بعد ما امتنع وشرط شروطاً كثيرة وخرج ابن زنبور في موكب عظيم فركب بالزنارى الحرير الأطلس إلى داره‏.‏

بمصر فكان يوما مذكوراً‏.‏

وفيه خلع على الأمير طنيرق بنياية حماة عرضا عن أسندمر العمري‏.‏

وفي يوم السبت تاسع عشريه‏:‏ جلس الوزير علم الدين بن زنبور بشباك قاعة الصاحب من القلعة وفي دست الوزارة‏.‏

وجلس الموفق ناظر الدولة قدامه ومعه جماعة المستوفين‏.‏

فطلب ابن زنبور جميع المباشرين وقرر معهم ما يعتمدونه وطلب محمد بن يوسف وشد وسطه على عادته وطلب المعاملين وسلفهم على اللحم وغيره‏.‏

وأمر فكتبت أوراق من بيت المال والأهراء فإنه لم يكن بهما درهم واحد ولا أردب غلة وقرأها على السلطان والأمراء‏.‏

وشرع في عرض الشادين والكتاب وسائر أرباب الوظائف وتقدم إلى المستوفين بكتابة أوراق المتأخر في النواحي واهتم بتدبير الدولة‏.‏

ورسم على بدر الدين ناظر البيوت وألزمه‏.‏

بمال لشيء كان في نفسه منه وولى عوضه فخر الدين ماجد بن قرونه صهره نظر البيوت‏.‏

ورسم لأولاد الخروبي النجار‏.‏

بمصر بتجهيز راتب السكر لشهر المحرم وأنفق في بيت السلطان جامكية شهر فطلع إلى الحوائج خاناه السكر والزيت والقلوبات وسائر الأصناف‏.‏

وفيه أفرج ابن زنبور عن الفأر الضامن بسفارة الأمير ملكتمر المحمدي وضمنه الجهات بزيادة خمسين ألف درهم وضمن الفأر معاملة الكيزان من الأمير طيبغا المجدي بزيادة ثلاثين ألف درهم‏.‏

وفيه حمل علاء الدين بن فضل الله كاتب السر تقليد الوزارة إلى الصاحب علم الدين عبد الله

بن زنبور ونعت فيه بالجناب العالي‏.‏

وكان جمال الكفاة قد سعى أن يكتب له ذلك زمن السلطان الصالح إسماعيل فلم يرض كاتب السر وشح به‏.‏

فخرج الصاحب وتلقى كاتب السر وبالغ في إكرامه وبعث إليه تقدمة سنية‏.‏

وفي مستهل ذي الحجة‏:‏ خلع على بكتمر المؤمني نائب الإسكندرية واستقر شاد الدواوين‏.‏

وفيه خلع على سعد الدين رزق الله ولد الوزير علم الدين واستقر بديوان المماليك‏.‏

وفيه التزم الوزير علم الدين بين يدي السلطان والأمراء أنه يباشر الوزارة بغير معلوم ويباشر ابنه أيضا بغير معلوم ويوفر ذلك للسلطان‏.‏

وفيه قدم الخبر بأن هند وأحد الأكراد استولى على بلاد الموصل وصار في جمع كبير يقطع الطريق والتحق به نجمة التركماني فاستنابه وتقوى به وركب من مندر إلى سنجار وتحصن بها وأغار على الموصل ونهب وقتل ومضى إلى الرحبة وأفسد بها ومشى على بلاد ماردين ونهبها‏.‏

فخرجت إليه عساكر الشام وحصروه بسنجار ومعهم عسكر ماردين ونصبوا عليها المنجنيق مدة شهر حتى طلب هند الأمان على أنه يقيم الخطبة للسلطان ويبعث بأخيه ونجمة في عقد الصلح وبقطع قطيعة يقوم بها كل سنة فأمنه العسكر وسروا عنه بأخيه ونجمة إلى حلب فحمل نجمة ورفيقه إلى مصر فلما نزلا منزلة قانون هرب نجمة‏.‏

وفي خامسه‏:‏ رسم بعرض أجناد الحلقة وخرجت البريدية إلى النواحي لإحضار من بها منهم فحضروا وابتدئ بعرضهم بين يدي النائب بيبغا ططر حارس الطير في يوم السبت حادي عشره‏.‏

وسبب ذلك دخول جماعة كبيرة من أرباب الصنائع في جملة أجناد الحلقة وأخذ جماعة كثيرة من الأطفال الإقطاعات حتى فسد العسكر‏.‏

فرسم لنقيب الجيش بطلب المقدمين ومضافيهم وإحضار الغائبين وحذروهم من إخفاء أحد منهم

وتقرر العرض بين يدي السلطان في كل يوم مقدمين‏.‏

بمضافيهما ثم رسم للنائب بيبغا ططر حارس الطير أن يتولى ذلك فطلع إليه عدة أيتام مع أمهاتهم ما بين أطفال تحمل على الأكتاف وصغار وشباب وجماعة من أرباب الصنائع‏.‏

فساءه ذلك وكره أن يقطع أرزاقهم ومضى يومه بالتغاضي وصرفهم جميعاً على أن يحضروا من الغد‏.‏

وتحدث بيبغا ططر حارس الطير مع الأمراء في إبطال العرض فعارضه منكلى بغا الفخري وأشار بأن العرض فيه مصلحة فإن القصد من إقامة الأجناد إنما هو الذب عن المسلمين فلو تحرك العدو ما وجد في عسكر مصر من يدفعه فلم توافقه الأمراء على دلك وخرج الأمير قبلاى الحاجب على لسان السلطان بإبطال العرض وقد اجتمع بالقلعة عالم كبير فكان يوماً مهولا من كثرة الدعاء والبكاء والتضرع‏.‏

وفيه قدم الخبر بنزول عسكر دمشق وطرابلس على صفد وزحفهم عليها عدة أيام جرح فيها

كثير من الأجناد ولم ينالوا من القلعة غرضا إلى أن بلغهم القبض على بيبغا روس‏.‏

وعلم بذلك الأمير أحمد الساقي نائب صفد من هجانته فانحل عزمه فبعث إليه بكلمش نائب طرابلس يرغبه في الطاعة ودس إلى من معه في القلعة حتى حاصروا عليه وهموا‏.‏

بمسكه‏.‏

فوافق الأمير أحمد الساقي على الطاعة وحلف لنائب طرابلس ونزل إليه‏.‏

بمن معه‏.‏

فسر السلطان بذلك وكتب بإعانته وحمله‏.‏

وفي عاشره‏:‏ كانت الوقعة‏.‏

بمنى وقبض على المجاهد على بن المؤيد داود بن المظفر أبو سعيد المنصوري عمر بن رسول صاحب اليمن فكان من خبر ذلك أن ثقبة لما بلغه استقرار أخيه عجلان في إمرة مكة توجه إلى اليمن وأغرى المجاهد بأخذ مكة وكسوة الكعبة‏.‏

فتجهز المجاهد وسار يريد الحج في جحفل كبير بأولاده وأمه حتى قرب من مكة وقد سبق حاج مصر‏.‏

فلبس عجلان آلة الحرب وعرف أمراء مصر ما عزم عليه صاحب اليمن وحذرهم غائلته‏.‏

فبعثوا إليه بأن ‏"‏ من يريد الحج إنما يدخل مكة بذلة ومسكنة وقد ابتدعت من ركوبك والسلاح حولك بدعة لا يمكنك أن تدخل بها وابعث إلينا ثقبة ليكون عندنا حتى تنقضي أيام الحج ثم نرسله إليك ‏"‏ فأجاب المجاهد إلى ذلك وبعث ثقبة رهينة فأكرمه الأمراء وأركبوا الأمير طقطاي في جماعة إلى لقاء المجاهد فتوجهوا إليه ومنعوا سلاحداريته من المشي معه بالسلاح ولم يمكنوهم من حمل الغاشية‏.‏

ودخلوا به مكة فطاف وسمى وسلم على الأمراء واعتذر إليهم ومضى إلى منزله وصار كل منهم على حذر حتى وقفوا بعرفة وعادوا إلى الحيف من منى وقد تقرر الحال بين الشريف ثقبة وبين المجاهد على أن الأمير طاز إذا سار من مكة أرقعاهما بأمير الركب ومن معه وقبضا على عجلان وتسلم ثقبة مكة‏.‏

فاتفق أن الأمير بزلار رأى وقد عاد من مكة إلى منى خادم المجاهد سائراً فبعث يستدعيه فلم يأته وضرب مملوكه - بعد مفاوضة جرت بينهما - بحربة في كتفه فماج الحاج وركب بزلار وقت الظهر إلى طاز فلم يصل إليه حتى أقبلت الناس جافلة تخبر بركوب المجاهد بعسكره للحرب وظهرت لوامع أسلحتهم فركب طاز وبزلار والعسكر وأكثرهم بمكة‏.‏

فكان أول من صدم أهل اليمن الأمير بزلار وهو في ثلاثين فارساً فأخذوه في صدورهم إلى أن أرموه قرب خيمة‏.‏

ومضت فرقة منهم إلى جهة طاز فأوسع لهم ثم عاد عليهم وركب الشريف عجلان والناس فبعث طاز لعجلان ‏"‏ أن احفظ الحاج ولا تدخل بيننا في حرب ودعنا مع غريمنا ‏"‏ واستمر القتال بينهم إلى بعد العصر‏.‏

فركب أهل اليمن الذلة والتجأ المجاهد إلى دهليزه وقد أحيط به وقطعت أطنابه وألقوه إلى الأرض‏.‏

فمر المجاهد على وجهه ومعه أولاده فلم يجد طريقاً ولديه إلى بعض الأعراب وعاد‏.‏

بمن معه وهم يصيحون‏:‏ ‏"‏ الأمان يا مسلمين ‏"‏ فأخذوا وزيره وتمزقت عساكره في تلك الجبال وقتل منهم خلق كثير ونهبت أموالهم وخيولهم حتى لم يبق لهم شيء وما انفصل الحال إلى غروب الشمس‏.‏

وفر ثقبة بعربه وأخذ عبيد عجلان جماعة من الحجاج فيما بين مكة ومنى وقتلوا جماعة‏.‏

فلما أراد الأمير طاز الرحيل من منى سلم أم المجاهد وحريمه لعجلان وأوصاه بهن وركب الأمير طاز ومعه المجاهد محتفظاً به وبالغ في إكرامه وصحب معه أيضا الأمير بيبغا روس مقيداً وبعث الأمير طنطاي مبشراً‏.‏

ولما قدم الأمير طاز المدينة النبوية قبض على الشريف طفيل وكان قاع النيل في هذه السنة أربعة أذرع ونصف ذراع‏.‏

وتوقفت الزيادة حتى ارتفع سعر الأردب القمح من خمسة عشر درهماً إلى عشرين درهماً ثم زاد النيل في يوم واحد أربعا وعشرين إصبعا ونودي من الغد بزيادة عشرين إصبعاً ثم بزيادة خمسة عشر إصبعا ثم ثماني أصابع‏.‏

واستمرت الزيادة حتى بقي من ذراع الوفاء ثلاثة أصابع فتوقف ستة أيام ثم وفى الستة عشر ذراعاً في يوم الإثنين ثاني عشرين مسرى‏.‏

وزاد بعد ذلك إلى خامس توت فبلغ سبعة عشر ذراعاً وهبط فشرقت بلاد كثيرة وتوالى الشراقي ثلاث سنين شق الأمر فيها على الناس من عدم الفلاحين وخيبة الزرع بخلاف ما يعهد وكثرة المغارم والكلف وظلم الولاة وعسفهم وزيادة طمعهم في أخذ ما بذلوا مثله حتى ولوا مع نفاق عرب الصعيد وطمعهم في الكشاف والولاة وكسر المغل وعنتقهم في إعطائه الأجناد ورمي الشعير على البلاد من حساب سبعة دراهم الأردب وحمله إلى الأهراء فحمل نحو الأربعين ألف أردب شعيراً ونحو خمسة آلاف أردب برسيما‏.‏

وفيه خلع على ملك تونس أبو العباس الفضل بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي حفص في ثامن عشر جمادى الأولى فكانت مدته ستة أشهر فقام بعده أخوه أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر‏.‏

ومات في هذه السنة من الأعيان الأمير سيف الدين دلنجى نائب غزة‏.‏

قدم القاهرة سنة ثلاثين وسبعمائة فأنعم عليه بإمرة عشره ثم إمرة طبلخاناه وولي غزة بعد يلجك فأوقع بالعشير وقويت حرمته‏.‏

ومات الأمير لاجين أمير آخور‏.‏

وتوفي فخر الدين محمد بن على بن إبراهيم بن عبد الكريم المصري الفقيه الشافعي بدمشق في ثالث عشر ذي القعدة ومولده سنة إحدى وتسعين وستمائة وخرج من القاهرة سنة اثنتين وسبعمائة وسكن دمشق وبرع في الفقه والعربية وغير ذلك‏.‏

وكان يتوقد ذكاء بحيث أنه حفظ مختصر ابن الحاجب مع تعقد ألفاظه في تسعة عشر يوماً ودرس وأفتى وأفاد وتوفي العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية الزرعي الدمشقي في ثالث عشر رجب ومولده سنة إحدى وتسعين وستمائة‏.‏

وبرع في عدة علوم ما بين تفسير وفقه وعربية وغير ذلك‏.‏

ولزم شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية بعد عوده من القاهرة سنة اثنتي عشرة وسبعمائة حتى مات وأخذ عنه علماً جماً فصار أحد أفراد الدنيا وتصانيفه كثيرة وقدم القاهرة غير مرة ومات ابن قرقمان صاحب جبال الروم ومات الحسين بن خضر بن محمد بن حجي بن كرامة بن بختر بن على بن إبراهيم ابن الحسين بن إسحاق بن محمد الأمير ناصر الدين المعروف بابن أمير الغرب التنوخى في نصف شوال‏.‏

وولى عوضه ابنه زين الدين صالح وولايته ببلاد الغرب من بيروت‏.‏

وأول من وليها منهم كرامة بن بختر في أيام نور الدين محمود بن زنكي فسمي كرامة أمير الغرب‏.‏